فضائل الصحابة العامة

|

أولا:فضائل الصحابة العامة
1.      وصفهم بالعدالة والشهادة ﭧ ﭨ ﭽ ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ    ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵﭶ  ﭷ   ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ       ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ     ﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅﮆ  ﮇ  ﮈ    ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ    ﮍ  ﮎﮏ  ﮐ  ﮑ      ﮒ  ﮓ  ﮔﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ   ﮙ  ﮚ  ﮛ  البقرة: ١٤٣
الخطاب فيها لجميع الأمة الإسلامية  من أولها إلى قيام الساعة ، فيدخل فيه الصحابة قبل بقية الأمة، فقوله تعالى: وسطا أي خيارا وعدولا، وخير الأمور أوسطها، قال زهير:
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم          إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم
والمعنى كما جعلت قبلتكم خير القبل، وجعلتها متوسطة بين المشرق والمغرب، جعلتكم خير الأمم وسطا بين الغلو والتقصير لم تغلوا غلو النصارى حيث وصفوا المسيح بالألوهية، ولم تقصروا تقصير اليهود حيث وصفوا مريم بالزنا والمسيح ولد الزنا، فأنبأنا ربنا تبارك وتعالى بما أنعم به علينا من تفضيله لنا باسم العدالة وتولية خطة الشهادة على جميع الناس، فجعلنا أولا مكانا وإن كنا آخرا زمانا، كما قال النبي : ((  نحن الآخرون السابقون)) ولا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أحق من كل أحد من أمته صلى بهاتين الصفتين وهما العدالة والشهادة على جميع الأمم يوم القيامة بأن أنبياءهم قد بلغوا رسالة الله. لأن من المعلوم أن الله لا يمكن أن يقبل شهادة مجروح أبدا.
قال ابن كثير –رحمه الله- : ولما جعل الله هذه الأمة وسطاً، خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب، كما قال تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت ؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك ؟ فيقول: محمد وأمته، قال فذلك قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} قال: والوسط العدل، فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم" رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه.[1]
2.     وصفهم بالخيرية ﭧ ﭨ     ﭽ ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ      ﭥ  ﭦ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ      ﭥ  ﭦ  ﭧ   ﭨ  ﭩﭪ  ﭫ  ﭬ   ﭭ  ﭮ  ﭯ   ﭰ  ﭱﭲ  ﭳ  ﭴ    ﭵ  ﭶ  ﭷ  آل عمران: ١١٠
عن أبي هريرة : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قال : خَيْرَ الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.[2]
قال العلامة ابن كثير ـ رحمه الله ـ : يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم فقال : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }.
وهكذا قال ابن عباس ، ومُجاهد ، وعِكْرِمة ، وعَطاء ، والربيع بن أنس ، وعطية العَوْفيّ : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } يعني : خَيْرَ الناس للناس.والمعنى : أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ؛ ولهذا قال : { تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }[3]
 [عن درة بنت أبي لهب] قالت : قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، أيّ الناس خير ؟ فقال : "خَيْرُ النَّاسِ أقْرَؤهُمْ وأتقاهم للهِ ، وآمَرُهُمْ بِالمعروفِ ، وأنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَوْصَلُهُمْ لِلرَّحِمِ".[4]

وروى أحمد في مسنده ، والنسائي في سننه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث سماك ، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس في قوله : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قال : هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.[5]
هذه الآية صريحة  في خيرية الصحابة المهاجرين من مكة إلى المدينة على قول ابن عباس رضي الله عنه. وأما إذا أخذنا على عمومها فهذا الخطاب الذي تشرفت به هذه الأمة النبيلة موجه مباشرة إلى جميع الصحابة رضوان الله عليهم وإلى من بعدهم من الأمة بطريق التبع.

3.    مدحهم بقوة الإيمان والصبر على البلاء وتفويض كل الأمور باللجوء إلى الله ووعد المحسنين منهم بالثواب العظيم
ﭧ ﭨ ﭽ ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ    ﯬ  ﯭﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ    ﯴ  ﯵ   ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ      ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ  ﰇ   آل عمران: ١٧٢ – ١٧٣ لا خلاف بين العلماء أن الذين استجابوا لله والرسول هم المهاجرون والنصار الذين حضروا معه عليه الصلاة والسلام وقعة أحد، أجابوه في ثاني يومها حين دعاهم إلى الخروج وراء قريش، قال لهم ولا يخرج معنا إلا من حضر أحدا. قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين"، المستجيبين لله والرسول من بعد ما أصابهم الجرح والكلوم. وإنما عنى الله تعالى ذكره بذلك: الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حَمْراء الأسد في طلب العدّو -أبي سفيان ومن كان معه من مشركي قريش- مُنصَرَفهم عن أحد. وذلك أن أبا سفيان لما انصرف عن أحد، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره حتى بلغ حمراء الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، ليرى الناسُ أنّ به وأصحابِه قوةً على عدوهم.[6]

و"الناس" الأوّل، هم قوم -فيما ذكر لنا- كان أبو سفيان سألهم أن يثبِّطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أحد إلى حمراء الأسد. و"الناس" الثاني، هم أبو سفيان وأصحابه من قريش، الذين كانوا معه بأحد. ويعني بقوله:"قد جمعوا لكم"، قد جمعوا الرجال للقائكم والكرّة إليكم لحربكم ="فاخشوهم"، يقول: فاحذروهم، واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم "فزادهم إيمانًا"، يقول: فزادهم ذلك من تخويف من خوَّفهم أمرَ أبي سفيان وأصحابه من المشركين، يقينًا إلى يقينهم، وتصديقًا لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسير فيه، ولكن ساروا حتى بلغوا رضوان الله منه، وقالوا  ثقة بالله وتوكلا عليه، إذ خوَّفهم من خوفَّهم أبا سفيان وأصحابه من المشركين "حسبنا الله ونعم الوكيل"، يعني بقوله:"حسبنا الله"، كفانا الله، يعني: يكفينا الله "ونعم الوكيل"، يقول: ونعم المولى لمن وليَه وكفَله.[7]
اشتملت هاتان الآيتان على مدح عظيم للصحابة  رضي الله عنهم بقوة الإيمان والصبر على البلاء وتفويض كل الأمور باللجوء إلى الله، وعلى وعده تعالى للمحسنين المتقين منهم بالأجر عظيم.

4.     الثناء عليهم بأنهم يكفون النبي r ﭧ ﭨ ﭽ ﭶ  ﭷ  ﭸ   ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ  الأنفال: ٦٤  في هذه الآية أثنى الله على جميع المؤمنين الذين اتبعوا النبي r بأنهم يكفونه في جميع أموره أو أنهم يكفونه الحرب بينه وبين أعدائه من الكفار والمشركين، وفي ذلك تنويه بفضلهم، وبيان لعظم شرفهم.[8]
5.     شهادة الله لهم بالإيمان الحقيقي لهم وبتحقيقهم الولاية للمؤمنين وأن لهم مغفرة ورزق كريم ﭧ ﭨ ﭽ ﭺ  ﭻ   ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ  ﮂ   ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊﮋ  ﮌ   ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗﮘ   ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ   ﮠ  ﮡ   ﮢ  ﮣ  ﮤﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪﯛ  ﯜ  ﯝ   ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ   ﯧ  ﯨﯩ  ﯪ  ﯫ   ﯬ  ﯭ        ﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ   ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷﯸ  ﯹ  ﯺ   ﯻ  ﯼ  ﯽ       ﯾ  ﯿ          ﰀﰁ  ﰂ    ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ  ﰇ   الأنفال: ٧٤ – ٧٥ الموصوفون بهذه الصفات الثلاث : الإيمان والهجرة والجهاد هم المهاجرون الأولون والموصوفون بالإيواء للرسول وأصحابه المهاجرين والنصرة للسؤال أيضا هم الأوس والخزرج الذين تبوؤوا الدار والإيمان فثبت أن الذين حققوا إيمانهم بهذه الأوصاف هم جميع الصحابة رضي الله عنهم. 
وشهد الله لهم بالإيمان أيضا في قوله: ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗﭘ  ﭙ  ﭚ  ﭛ   ﭜ   ﭝ  ﭞ   الأنفال: ٦٢ المراد بالمؤمنين هنا الأنصار بدليل قوله تعالى بعده { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } أي: بين الأوس والخزرج، كانت بينهم إحن وثارات في الجاهلية، فصيرهم الله إخوانا بعد أن كانوا أعداء.[9]
6.      شهادة الله بأنه رضي عنهم ورضوا عنه ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ   ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞ    ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ          ﭤ  ﭥ  ﭦﭧ   ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  التوبة: ١٠٠
اختلف العلماء في المراد بمن في قوله تعالى من المهاجرين والأنصار: فمنهم من ذهب إلى أنها للبيان، والمعنى:والسابقون الأولون الذين  هم المهاجرون والأنصار، وعلى هذا تكون الآية سيقت لمدح جميع المهاجرين والأنصار، والمراد بقوله والسابقون: السبق إلى الهجرة والنصرة كما هو أرجح الأقوال.
ومنهم من ذهب إلى أن من للتبعيض، وعليه فيكون المعنى:مدح بعض المهاجرين والأنصار ممن سبقوا إلى الهجرة والنصرة، واختلفوا في المراد بهذا البعض: فمنهم من ذهب إلى أنهم من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية. ومنهم من ذهب إلى أنهم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنهم من ذهب إلى أنهم أهل بدر، وقيل غير ذلك. 
وقال محمد بن كعب القرظي: مرَّ عمر بن الخطاب برجل يقرأ: { وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ } فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟ فقال: أبيُّ بن كعب. فقال: لا تفارقني حتى أذهب بك إليه. فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟قال: نعم. قال: وسمعتَها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا، فقال أبيُّ: تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الجمعة:3] وفي سورة الحشر: { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ } [الحشر:10] وفي الأنفال: { وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ } [الأنفال:75] إلى آخر الآية، رواه ابن جرير.[10]  
روي عن حميد بن زياد أنه قال : قلت يوما لمحمد بن كعب القرظي ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما كان بينهم من الفتن فقال لي : إن الله تعالى قد غفر لجميعهم وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم فقلت له : في أي موضع أوجب لهم الجنة فقال : سبحان الله ألا تقرأ قوله تعالى : والسابقون الأولون الآية فتعلم أنه تعالى أوجب لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم الجنة والرضوان وشرط على التابعين شرطا قلت : وما ذلك الشرط قال : شرط عليهم أن يتبعوهم بإحسان وهو أن يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة ولا يقتدوا بهم في غير ذلك أو يقال : هو أن يتبعوهم بإحسان في القول وأن لا يقولوا فيهم سوءا وأن لا يوجهوا الطعن فيماأقدموا عليه قال حميد بن زياد : فكأني ما قرأت هذه الآية قط.
وعلى هذا تكون الآية متضمنة من فضل الصحابة رضي الله عنهم مالم تتضمنه على التقدير الأول.[11]
7.     اصطفاء الله لهم ﭧ ﭨ ﭽ ﭳ  ﭴ     ﭵ  ﭶ     ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ   النمل: ٥٩
قال ابن جرير الطبري: "الذين اصطفاهم، يقول: الذين اجتباهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فجعلهم أصحابه ووزراءه على الدين الذي بعثه بالدعاء إليه دون المشركين به الجاحدين بنبوة نبيّه"، ثم ذكر بإسناده إلى ابن عباس في قوله: ﴿وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَى﴾ قال: أصحاب محمد اصطفاهم لنبيه"[12].
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: "﴿قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَى﴾ قال طائفة من السلف: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أنهم أفضل المصطفين من هذه الأمة التي قال الله فيها: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَـٰلِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرٰتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ f جَنَّـٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ٱلَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ [فاطر:32-35]فأمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين أورثوا الكتاب بعد الأمتين قبلهم اليهود والنصارى وقد أخبر الله تعالى أنهم الذين اصطفى وتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). ومحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم المصطفَون من المصطفَين من عباد الله"[13].

8.    تزكية من الله لبواطنهم وما في قلوبهم وإخلاصهم. ﭨ ﭽ ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ   ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ   ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢ  الفتح: ١٨
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كنا ألفا وأربعمائة[14]
فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم، ومن هنا رضي عنهم.
ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام. فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام[15]
ومما يؤكد هذا ما ثبت في صحيح مسلم من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها[16]
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أن يوافيه على موجبات الرضا -ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً- فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له. فلو علم أنه يتعقب ذلك بما سخط الرب لم يكن من أهل ذلك) [17]
وقال ابن حزم: (فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة.[18]
قال أبو بكر الجصاص في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِىّ وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأنصَـٰرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ﴾ فيه مدح لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين غزوا معه من المهاجرين والأنصار، وإخبار بصحة بواطن ضمائرهم وطهارتهم؛ لأن الله تعالى لا يخبر بأنه قد تاب عليهم إلا وقد رضـي عنهم ورضي أفعالهم، وهذا نص في رد قول الطاعنين عليهم والناسبين لهم إلى غير ما نسبهم الله إليه من الطهارة ووصفهم به من صحة الضمائر وصلاح السرائر رضي الله عنهم"[19]
و في هذه الآية وغيرها مثل  آية الحشر في قوله: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً﴾  وفي آية الفتح في قوله تعالى: ((تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا...))  فضيلة لا يمكن لأحد من الأمة أن يدركها بعد عصر الصحابة، وهو ثناء الله على بواطنهم.

9.     وصفهم بأنهم: أشدّاء على الكفار، رحماء بينهم، وأنهم ركّعٌ سجّدٌ، وأنهم يبتغون فضلا الله ورضوانه، وأن سيماهم في وجوههم من أثر السجود، وهذا كله قطعاً فيهم، وقد أخبر سبحانه عن ذلك، فقال: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾الفتح:29.
قال ابن كثير: " فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم، وقال مالك رضي الله عنه: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم". [20]
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك؛ فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: ((ذلك مثلهم في التوراة)). ثم قال: ((ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه)) أي فراخه. ((فآزره)) أي: شده ((فاستغلظ)) أي: شب وطال. ((فاستوى على سوقه يعجب الزراع)) أي فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار)[21]
ومن صفاتهم المكتوبة فيها: أنهم عظّموا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونصروه، واتبعوه واتبعوا تعاليمه وسننه وهديه، وأحكام كتابه الذي أنزل عليه، والسنن التي نزلت معه، فوعدهم الله بذلك الرحمة الواسعة والخير والحسني، وقد أخبرنا الله -تعالى- عن ذلك في القرآن الكريم؛ فقال: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف 156ـ157.]
ويمكن أن نلاحظ أن هذا الوصف قد ذكره الله -عز وجل- جواباً لدعوة موسى -عليه السلام- الذي اختار من قومه، فلم يجد فيهم غير سبعين رجلاً جاءوا يستغفرون الله فأخذتهم الرجفة، فدعا موسى -عليه السلام- ربه فناسب في هذا الجمع الذين هم خيرة بني إسرائيل أن يذكرهم الله -عز وجل- بفضل محمد -صلى الله عليه وسلم- وليس فضله فقط، بل وفضل أولئك الذين يؤمنون به ويوقرونه وينصرونه، هذا وصفهم في الكتب السابقة، وأنزله الله في قرآنه لتعلم الأجيال القادمة فضيلة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-
10.            وعد الله لجميع طبقاتهم بالجنة ﭧ ﭨ ﭽ ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ     ﯰ  ﯱﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ      ﯻﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅﰆ   ﰇ  ﰈ  ﰉ  ﰊﰋ  ﰌ  ﰍ  ﰎ  ﰏ  ﰐ  الحديد: ١٠ أي لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله، وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديداً فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون، وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهوراً عظيماً ودخل الناس في دين الله أفواجاً. ولهذا قال تعالى: {أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} والجمهور على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة، وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح ههنا صلح الحديبية.[22]
هذه الآية نص صريح في تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في الدرجات والمراتب، ونص صريح أيضا في كون جميعهم في الجنة.


11.            شهادة الله لهم باالصدق والفلاح ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ    ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠﯡ  ﯢ   ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ    ﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ  ﯰ   ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ   ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ   ﯻ     ﯼ    ﯽﯾ   ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ   ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ      ﭘ     ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ    ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ   ﭦ  ﭧ  ﭨ 
الحشر: ٨ – ١٠
في هذه الآية حصرٌ للصدق فيهم بقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾، وهذا أسلوب حصر، ولذلك قال غير واحد من السلف في قوله –تعالى:((﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ إنهم هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم)).
وهكذا الأنصار وفيهم قوله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
فائدة:
قد استنبط الإمام مالك -رحمه الله- كفر الروافض من هذه الآية، ومن آية الفتح((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)) قال: أخذ من قوله ليغيظ بهم الكفار؛ ليغيظ الله بالصحابة من؟ الكفار، والروافض تغيظهم الصحابة، فدل على أنهم كفار، والمنافقون يغيظهم الصحابة؛ فهم كفار.
وكذلك آية الحشر، والله تعالى جعل الفيء لثلاثة أصناف من الناس،الصنف الأول:المهاجرون والصنف الثاني: المهاجرون  والصنف الثالث: يقولون من دعاءهم: وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا )) والروافض خارجون منهم،  لأن في قلوبهم غلٌّ للصحابة، فدل على أنهم ليسوا منهم، ليسوا من المؤمنين.
قال ابن كثير –رحمه الله- : وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب، لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.[23]
وأما أعجب ما يمكنك أن تجده من حب الله -عز وجل- لصحابة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فتجده في عتاب الله لهؤلاء الأخيار على أخطائهم على ندرتها، وهي المواطن التي تتوقع أن تجد فيها شدة، إلا أن سابقة القوم إلى الإيمان، ونصرتهم للرسول الكريم شفعت لهم عند أرحم الراحمين، وقد قدّر الله على بعضهم المعصية أحياناً؛ لنتعلم منهم حال خطأهم كما تعلمنا منهم حال صوابهم، فنرى توبتهم وندمهم واستغفارهم، ثم نرى رحمة الله بهم ومغفرته لهم، فنطمع إذا سرنا على طريقهم أن ننال مثل عفوهم. .
ففي أُحُد قال معاتباً إياهم على ما بدر من تقصير بعضهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ بيد أن الآية لم تتم حتى ذكر الله فيها عفوه عنهم، وكذلك في حُنَيْن ذكر إكرامه لهم فقال: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾[التوبة:26]
وفي تبوك يذكرهم منته عليهم بالتوبة لاتباعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في ساعة العسرة فقال: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾(التوبة:117).








(1)  تفسير ابن كثير 1/238.
(2) صحيح البخاري برقم (4557).
(3) تفسير ابن كثير.1/480.
(4) المسند (6/432).
(5) المسند (1/319) والنسائي في السنن الكبرى (11072) والمستدرك (2/294) وقال الحاكم : "صحيح الإسناد على شرط مسلم" ووافقه الذهبي.
(6) الطبري:7/399.
[7] الطبري:7/405
[8] روح المعاني:10/30 ، إرشاد العقل السليم:4/33-34، وهذا المعنى إنما يتأتى إذا اعتبرنا أن من اتبعك في محل الرفع عطفا على اسم الله تعالى. وأما إذا اعتبرناه في محل النصب على أنه مفعول به فيكون المعنى: كفاك وكفى أتباعك الله ناصرا، وقيل هو في موضع الجر عطفا على الضمير كما هو رأي الكوفيين فيكون المعنى: كافيك وكافيهم.
[9]  البغوي:3/374
[10] تفسير الطبري (14/438).
[11] روح المعاني:(11/7-8)
[12] جامع البيان (20/2).
[13]منهاج السنة (1/156).
[14]  صحيح البخاري: كتاب المغازي -باب عزوة الحديبية- حديث [4154] فتح الباري: 7/507. طبعة الريان.
[15]  الصواعق المحرقة: ص 316 ط.
[16] صحيح مسلم 4/1943.
[17]  الصارم المسلول: 572، 573. طبعة دار الكتب العلمية. تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد.
[18]  (الفصل في الملل والنحل:( 4/148)
[19]  أحكام القرآن للجصاص(4 (371/
[20]   تفسير القرآن العظيم (6/365).
[21] الاستيعاب لابن عبد البر 1/6 ط. دار الكتاب العربي بحاشية الإصابة، عن ابن القاسم. وتفسير ابن كثير: 4/204 ط. دار المعرفة -بيروت، دون إسناد.
[22]  تفسير ابن كثير4/369.
[23]  تفسير ابن كثير:4/408

0 التعليقات:

 

تعريب وتطوير ابن حجر الغامدي ©2009 عبد الله محمد أويس | Template Blue by TNB